هل خَدَمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
غلامٌ يهودي ؟
السؤال : هل خدم الرسولَ عليه الصلاة والسلام يهوديٌّ ؟
الجواب :
الحمد لله
نعم ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن غلاما
يهوديا كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم
، فمرض مرة فعاده صلى الله عليه وسلم ،
وعرض عليه الإسلام ، وهذه هي القصة كما
يحكيها أنس بن مالك رضي الله عنه .
( أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ ،
فَقَالَ : أََسلِم . فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ،
فَقَالَ لَه : أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ
وَسَلَّمَ . فَأَسلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ
النَّارِ ) رواه البخاري (1356)
ولكن المصادر لم تسعفنا باسم هذا الغلام ،
ولا بشيء عن خدمته لرسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ولم تذكر شيئا عن سبب قبول النبي صلى الله عليه وسلم لخدمته .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/221) :
" ( كان غلام يهودي يخدم ) لم أقف في شيء
من الطرق الموصولة على تسميته ، إلا أن ابن
بشكوال ذكر أن صاحب "العتبية" حكى عن "
زياد شيطون " : أن اسم هذا الغلام " عبد
القدوس " ، قال : وهو غريب ، ما وجدته عند
غيره " انتهى .
وكل ما هنالك أن بعض المفسرين ينسبون
إلى هذا الغلام مشاركته في سحر النبي
صلى الله عليه وسلم ، حيث كان هو من أخذ
شعرا من شعرات النبي صلى الله عليه وسلم
وأوصلها إلى لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر
، إلا أن هذا النقل لم تثبت صحته .
قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/232) :
" وذكر القشيري في "تفسيره" أنه ورد في
الصحاح : أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي
صلى الله عليه وسلم ، فدست إليه اليهود ،
ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي
صلى الله عليه وسلم – والمُشاطة : ما يسقط
من الشعر عند المشط - وأخذ عدة من أسنان
مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ،
وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي
" انتهى .
وانظر نحوه في "زاد المسير" لابن الجوزي (9/270)
ويستفاد من قصة خدمة الغلام اليهودي للنبي
صلى الله عليه وسلم إظهار السماحة والعفو
ولين الجانب الذي كان يحمله صلى الله عليه
وسلم في قلبه الرحيم ، فقد كان شفيقا
رحيما بالناس كلهم ، يرجو لهم الخير ويحذرهم
من الشر ، فلم يتردد في عيادة هذا الغلام
اليهودي في منزله ، ولم يفرط في أي فرصة
لدعوتهم وهدايتهم ، لكنهم قابلوه بالكيد
والمكر ، وحاولوا قتله ، ووضعوا السم في
طعامه .
والله أعلم .